mardi 14 octobre 2008

عهد


روي أن غلاماً خرج من "مكة المكرمة" إلى بغداد طالباً للعلم، وعمرهُ لا يزيد على اثنتي عشرة سنة، وقبل أن يُفارق "مكة المكرمة" قال لأمه يا أماه أوصيني. فقالت له أمه يا بني، عاهدني على ألا تكذب. وكان مع الغلام أربعمائة درهم، ينفق منها في غربته فركب دابته متوجهاً إلى بغداد.

وفي الطريق خَرجَ عليه لصوص فاستوقفوه، وقالوا له أمعك مالٌ يا غلام؟ فقال لهم نعم، معي أربعمائة درهم، فهزؤوا منه، وقالوا له انصرف فوراً، أتهزأ بنا يا غلام؟ أمثلك يكون معه أربعمائة درهم؟ فانصرف، وبينما هو في الطريق؛ إذ خرج عليه رئيس عصابة اللصوص نفسهُ واستوقفهُ وقال له أمعك مالٌ يا غلام؟
فقال له الغلام نعم أربعمائة درهم. فأخذها قاطع الطريق، وبعد ذلك سأل الغلام لماذا صدقتني عندما سألتك، ولم تكذب عليّ وأنت تعلم أن المال إلى ضياع؟ فقال لهُ الغلام صدقتك؛ لأنني عاهدت أمي على ألا أكذب على أحد.
وإذا بقاطع الطريق يخشع قلبه لله رب العالمين، ويقول للغلام عجبت لك يا غلام تخاف أن تخون عهد أمك، وأنا لا أخاف من عهد الله عز وجل يا غلام، خذ مالك وانصرف آمناً، وأنا أعاهد الله على التوبة تبت إليه على يديك توبةً لا أعصيه بعدها أبداً.

وفي المساء جاء رفقاؤه من السارقين، وكلٌ منهم يحمل ما سرقه ليسلموه إياه، فوجدوه يبكي بكاء الندم، فقال لهم إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها؛ فقالوا له يا سيدنا، إذا كنت قد تبت وأنت زعيمنا، فنحن أولى بالتوبة منك وتابوا جميعاً.

----------
مجلة المجتمع

Aucun commentaire: